عبادة
الربيع كالثورة، حين تنهض الأشجار من سكونها، تنبت لها أوراق جديدة، وأزهار بألوان باهية، هذه ثورة على سكون الشتاء وصمته المهيب، يحل الدفء محل البرودة، الجمال محل الأغصان الجافة الخالية. يذكرني الربيع بالبدايات، الأزهار في كل مكان، تقول: لنبدأ من جديد. وهذه الثورة عباءة ساحرة، تحيل العالم أزهى وأكثر بهاءً، لكن هذا الربيع القادم، لا يبدو كعادته، عباءته الملونة، ملطخة بالدماء، ولكل بقعة نصيبها من اللون. والثورة عبادة - حسب ما أرى- حين نزيل العتمة بالضياء ونرغب أن تغمر شمس الحرية كل البقاع، كأنها زنابق بيضاء. تنمو أزهار دوار الشمس في ذلك الحقل على جانب الطريق، تذكرت معها لوحات ڤان چوخ، رغبت أن أقف داخلها، لتغمرني الشمس، تزيل رائحة الدماء وصور الدموع التي تزداد أمامي. وقتها فكرت، رغم كل ما يحدث هناك أمل، النصر قادم لا محالة، والفجر يأتي بعد أكثر أوقات الليل ظُلمة. والصبر وترقب النصر عبادة. وفي الشارع المقابل هناك شجرة، لها أوراق بلون الخزامي البنفسجي، لولا أن الخزامي لا يكون شجرة كبيرة لقلت: ربما هو ذا، لكن الخزامي كأزهار دوار الشمس، كلاهما يغمران العالم بلونهما الملهم. مع النصر سيكون ال...