قد نلت حريتي

   الحرية، freedom ،Freiheit...
             اختلفت أسماؤها وطريقة كتابتها من لغة لأخرى، لكن تبقى شعور لا يوفيه الوصف حقه، من رأيي هي اللحظة التي تشعر أن روحك تستطيع التحليق بعيدًا بلا قيود تؤرقها، وإن أخذت جزءًا منها لا نقدر بعد ذلك أن تعيش بدونه مرة أخرى، الحرية ثمينة كما تعلم يا صديقي....
لقد كنت حزينًا للغاية طوال الوقت في كل مكان حتى وسط النجوم ورؤية القمر، أصحو لأنام وأنام لأصحو ولا شيء جديد، زادت شهيتي كثيرًا، وبِتُ أكل كثيرًا جدًا زاد وزني عن المعتاد كدت أصاب بالسمنة، لم أعد امارس هواياتي، واقرأ كتبي ورواياتي و أصبحت أشاهد أشياء غير مفيدة البتة، حتى زاد كل هذا من حزني، لم أعد أنا، كنت نسخةً صامتة، كئيبة، مملة حد الجنون، لم أدري ما سبب هذا التغيير الشديد، قد يكون الخذلان؟ أو عدم الإنجاز؟ أو..أو، كانت التراكمات يا صديقي هي السبب، أشياء آلمتني ولم أفصح عنها، ظلت تتراكم الواحد على الآخر حتى أظلمت من حولي الدنيا، ظننت في البداية أنه سيشفى كالعادة، لكن استمرت تلك الضربة في حياتي وقت ليس بقليل وكنت في قمة مشاعري السلبية وأفكاري القاتلة، لكن ظهر لي بصيص أمل في صديق يعتني بي، لست من ذلك النوع الذي يشكي حاله لكل كائن من كان، ظللت أبحث عن سبب هذا كله، وكان الجواب أنه الاكتئاب ذلك الضيف الذي يطرأ علينا بغير قصد منا، أن تشعر أن العالم كله لا يحبك، لا يطيقك، لا يبغي وجودك، وتبدأ المشاعر السلبية بالظهور بكثرة، وتطرأ فكرة أنك أفشل شخص في العالم، أغبي شخص، أحمق للغاية وكريه وكل هذه المشاعر الكاذبة، لقد ملك الاكتئاب حياتي ولم أعد أملك قشة منها حتى، وأنا كدت أذعن له...

أصبحت أمضي يومي في البحث عن علاج لهذا المرض، بدون أن أذهب لطبيب خشية أن يُقال أني مريض نفسي، ذلك الوهم الذي ذهب بحيوات أناس كُثر..

لاحت لي من بعيد فكرة محاولة إعادة بعض الهوايات، اشتريت روايات وكتب جديدة، أصبحت اقرأ كما الماضي بعد فترة من المحاولات ومقاومة الاكتئاب والكسل، مارست رياضة المشي والتفكير بايجابية لوقت أطول، بدأت أكتب أيضًا، اكتب معاناتي هذه وامزق أوراقي بعدها حتى أتخلص من أفكاري السلبية، في البداية عانيت وحدي في المقاومة، وساندني بعض الأصدقاء لبعض الوقت فقط ولا ألومهم، بدأت في تعلم اللغة اللاتينية بجانب الألمانية، اشتري المجلات العلمية ومجلات أدبية، قلصت وقتي على مواقع التواصل الاجتماعي كثيرُا، اشاهد أفلام سير ذاتية ووثائقية، أخذت خطواتٍ جادةٍ للغاية، ظهرت لي بداية جديدة، لم أعد كما كنت ولو أن التغير بطيء، لكن لا أظنني سأتوقف عن المقاومة حتى لا أفقد حريتي وحياتي ويأتي الاكتئاب بكل السوداوية التي يحملها بداخله بتدميري مرة أخرى، لقد نلت بعض حريتي ولن اتهاون في الدفاع عنها مرة أخرى، لن يهزمني الاكتئاب في نهاية المطاف ...
الحرية، الحرية، يا صديقي  كما أخبرتك رائعة، وفي سبيل الحفاظ عليها قد نعاني الكثير فهي ثمينة يا صديقي، هل نسيت؟
 

تعليقات

المشاركات الشائعة