لا تتركوني
تتساقط قطرات الدم بوقع منتظم مخترقة صمت الغرفة وظلمتها..
ممسكًا بالقلم بيده اليمنى ليكتب كلماته الأخيرة عساها تكون مدافعة عنه.. ينظر من حوله ليرى كل تلك الأطياف التي تملأ الغرفة والتي رغم ظلامها لم تخفهم، كان يراهم بوضوح، يعرفهم واحد واحد، كيف لا يعرفهم؟ لقد سبب كل ما حدث لهم..
لا يعرف كيف يبدأ الحديث، هل ستسمعه الأطياف؟ حتى في هذا الموقف يهتم بتلك التفاصيل لا يهم الآن أن تسمعك هي ستسمعك بتأكيد، المهم هل ستسامحك؟ ذلك السؤال الذي يهمه وبشدة الآن، وهذا السؤال يجر خلفه آخر والآخر يأتي بآخر حتى أنه سئم الحياة وأقر في نفسه أن يتخلص من تلك المعاناة بفعل بسيط للغاية..
مع تساقط القطرات المستمر يتسرب وعيه بسرعة، تنظر له الأطياف بنظرة حادة، يقول في نفسه: آه، لقد تبدلت نظراتكم، كنتم ترجونني أن أترككم، والآن أرى تلك النظرة الحادة، كانت لحظاتكم الأخيرة تحمل الرجاء والمزيد منه..
وصل إلى نهاية الحياة، تلك الشعرة بين كل شيء واللا شيء، بين الحياة والموت.. يقول: لم اقتلكم عبثًا، كنت أرحمكم من تلك الحياة حتى أنني سألحق بكم، لا تصدقونني! أقسم لكم، أصبحت الحياة مليئة الوحوش، لم تعد جميلة وديعة ولو للحظات حتى، لا تؤلميني بنظرتك تلك يا حبيبتي، بني يا صغيري، لا تبكي هكذا، أقسم أنني أحبكم، أسبابي واضحة، لكنكم لن تفهموها..
حين عجزت أن ألبي كل رغباتكم حتى البسيطة، أن أُبعِد البرد عنكم، حتى هذه لم تصدقوها، لقد كان شيطاني أقوى مني، غلتني نفسي، لم أتذكر قوله تعالي( ولا تقتلوا اولادكم خشية إملاق)، كنت أضعف من ورقة في مهب الريح، نظراتكم لم تتبدل، لم تصدقوني، أليس كذلك؟
إن حجتي تلك جيدة للغاية، حسنًا ليست كذلك على الأرجح، لكن لا تذهبوا بدوني، لا أريد الموت وحيدًا، لم يمت أحدكم وحيدًا، كنت بجواركم حتى النهاية ثم ماذا؟ ثم ترحلوا بدوني، لا أتوسل إليكم، لا تتركوني هنا لوحدي.
تعليقات
إرسال تعليق